الأحد، ٢٤ ذو الحجة ١٤٢٧ هـ

روعة قرطبة والاندلس


كتاب :

نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب

للمقري

قرطبة كرسي المملكة في القديم، ومركز العلم ومنار التقى ومحل التعظيم والتقديم، بها استقرت ملوك الفتح وعظماؤه، ثم الملوك المروانية، وبها كان يحيى ابن يحيى راوية مالك، وعبد الملك ابن حبيب، وقد سمعت من تعظيم أهلها للشريعة، ومنافستهم في السؤدد بعلمها، وأن ملوكها كانوا يتواضعون لعلمائها، ويرفعون أقدارهم، ويصدرون عن آرائهم، وأنهم كانوا لا يقدمون وزيراً ولا مشاوراً ما لم يكن عالماًن حتى إن الحكم المستنصر لما كره له العلماء شرب الخمر هم بقطع شجرة العنب من الأندلس، فقيل له: فإنها تعصر من سواها، فأمسك عن ذلك؛ وأنهم كانوا لا يقدمون أحداً للفتوى ولا لقبول الشهادة حتى يطول اختباره، وتعقد له مجالس المذاكرة، ويكون ذا مال في غالب الحال خوفاً من أن يميل به الفقر إلى الطمع فيما في أيدي الناس فيبيع به حقوق الدين، ولقد أخبرت أن الحكم الربضي أراد تقديم شخص من الفقهاء يختص به للشهادة، فأخذ في ذلك مع يحيى ابن يحيى وعبد الملك وغيرهما من أعلام العلماء، فقالوا له: هم أهل، ولكنه شديد الفقر، ومن يكون في هذه الحالة لا تأمنه على حقوق المسلمين، لا سيما وأنت تريد انتفاعه وظهوره في الدخول في المواريث والوصايا وأشباه ذلك، فسكت ولم ير منازعتهم، وبقي مهموماً من كونهم لم يقبلوا قوله، فنظر إليهولده عبد الرحمن الذي ولي الملك بعده، وعلى وجهه أثر ذلك، فقال: ما بالك يامولاي؟ فقال: ألا ترى لهؤلاء الذين نقدمهم وننوه عند الناس بمكانهم حتى إذا كلفناهم ما ليس عليهم فيه شطط، بل ما لا يعيبهم، ولا هو مما يرزؤهم شيئاً صدونا عنه، وغلقوا أبواب الشفاعة، وذكر له ما كان منهم، فقال: يا مولاي، أنت أولى الناس بالإنصاف، إن هؤلاء ما قدمتهم أنت ولا نوهت بهم، وإنما قدمهم ونوه بهم علمهم، أو كنت تأخذ قوماً جهالاً فتضعهم في مواضعهم؟ قال: لا، قال: فأنصفهم فيما تعبوا فيه من العلم لينالوا به لذة الدنيا وراحة الآخرة، قال: صدقت، ثم قال: وأما كونهم لم يقبلوا هذا الرجل لشدة فقره فالعلة في ذلك تنحسم بما يبقي لك في الصالحات ذكراً، قال: وما هو؟ قال: تعطيه من مالك قدر ما يلحق به من الغنى ما يؤهله لتلك المنزلة، ويزيل عنك هذا خجل ردهم لك، وتكون هذه مكرمة ما سبقك إليها أحد، فتهلل وجه الحكم وقال: إلي إلي، إنها والله شنشنة عبشمية وإن الذي قال فينا لصادق:


وأبناء أملاك خضارٍ سادة ... صغيرهم عند الأنام كبير

ثم استدعى عبد الملك بن حبيب وسأله عن قدر ما يؤهله لتلك المرتبة من الغنى، فذكر له عدداً، فأمر له به في الحين، ونبه قدره بان أعطاه من إسطبله مركوباًن وكانت هذه أكرومة لا خفاء بعظمها: "يفنى الزمان وما بنته مخلّدٌ" ثم إن إذا كان له من الغنى ما يكفه عن أموال الناس ومن الدين ما يصده عن محارم الله تعالى، ومن العلم ما لا يجهل به التصرف في الشريعة، أباحوا له الفتوى والشهادة، وجعلوا علامة لذلك بين الناس القالس والرداء.
وأهل قرطبة أشد الناس محافظة على العمل بأصح الأقوال المالكية، حتى إنهم كانوا لا يولون حاكماً إلا بشرط أن لا يعدل في الحكم عن مذهب ابن القاسم.
وقال ابن سارة لما دخل قرطبة:


الحمد لله قد وافيت قـرطـبةً ... دار العلوم وكرسيّ السلاطين

وهي كانت مجمع جيوش الإسلام، ومنها نصر الله على عبدة الصليب.
يقال: إن المنصور ابن أبي عامر -حين تم له ملك البرين، وتوفرت الجيوش والأموال- عرض بظاهر قرطبة خيله ورجله، وقد جمع من أقطار البلاد ما ينهض به إلى قتال العدو وتدويخ بلاده، فنيف الفرسان على مائتي ألف، والرجالة على ستمائة ألف.
وبها حتى الآن من صناديد المسلمين وقوادهم من لا يفتر عن محاربة، ولا يمل من مضاربة، أسماؤهم بأقاصي بلاد النصارى مشهورة، وآثارهم فيها مأثورة، وقلوبهم على البعد بخوفهم معمورة.

ويحكى أن العمارة في مباني قرطبة والزاهرة والزهراء اتصلت إلى أن كان يمشى فيها لضوء السرج المتصلة عشرة أميال، وأما جامعها الأعظم فقد سمعت أن ثرياته من نواقيس النصارى، وأن الزيادة التي زاد في بنائه ابن أبي عامر من تراب نقله النصارى على رؤوسهم مما هدم من كنائس بلادهم، وقد سمعت أيضاً عن قنطرتها العظمى وكثرة أرحي واديها، يقال: إنها تنيف على خمسة آلاف حجر، وقد سمعت عن كنبانيتها وما فضل الله تعالى به تربها من بركة وما ينبت فيها من القمح وطيبه، وفيها جبال الورد الذي بلغ الربع منه مرات إلى ربع درهم، وصار أصحابه يرون الفضل لمن قطف بيده ما يمنحونه منه، ونهرها إن صغر عندها عن عظمه عند إشبيلية فإن لتقارب بريه هنالك وتقطع خدره ومروجه معنى آخر وحلاوة أخرى، وزيادة أنس، وكثرة أمان من الغرق، وفي جوانبه من البساتين والمروج ما زاده نضارة وبهجة.

ليست هناك تعليقات:

من هم عرب 48 ؟؟

انني وبعد ان خضت تجربة لا بئس بها في الساحة العربية الإسلامية الاليكترونية , كالمنتديات والمدونات , وموقع شتى , اثارني دائما ان هناك نسبة لا بئس بها لا يعرفون عن عرب 48 اي شيئ وإذا كانوا يعرفون فمعلوماتهم مغلوطة نوعا ما .. واصلا هناك من استغرب بوجود عرب داخل اسرائيل !!! فمن فضلك اقرا هذا السطور قبل الدخول وبإسم الله نبدا : عرب الـ48، هي التسمية الشائعة في العالم العربي للفلسطينيين العرب الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل (الخط الأخضر، أو خط الهدنة 1948).(يستخدم مصطلحي "عرب إسرائيل" و "الوسط العربي" للإشارة إليهم في الإعلام الإسرائيلي، كما يستخدم مصطلح "الأقليات العربية"، لاحظ استخدام صيغة الجمع) هؤلاء العرب هم من العرب آو أنسال العرب الذين بقوا في قراهم وبلداتهم بعد حرب الـ48 وإنشاء دولة إسرائيل، أو عادوا إلى بيوتهم قبل إغلاق الحدود. تضم الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية سكان شرقي القدس وهضبة الجولان إلى "عرب إسرائيل" بالرغم من أن أغلبيتهم حائزين على مكانة "مقيم دائم" في إسرائيل ولا يملكون الجنسية الإسرائيلة. حسب الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية يشكّل المسلمون حوالي 83% منهم ، 12% من المسيحيين و5% دروز. يقدّر عدد مواطني إسرائيل العرب والحائزين على مكانة "مقيم دائم" بما يقارب 1،413،500 نسمة1، أي 19.87% من السكان الإسرائيليين2 وهم يقيمون في ثلاث مناطق رئيسية: جبال الجليل، المثلث وشمالي النقب. أما من بين المواطنين فقط فتكون نسبة المواطنين العرب حوالي 16% من كافة المواطنين الإسرائيليين..من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة أخيراً : معلومة مهمة جدا الا وهي ان دخول الجيش الاسرائيلي غير متاح للعرب المسلمين والمسيحيين بسهولة خوفا من عدم الولاء للدولة !