الثلاثاء، ٢٩ جمادى الأولى ١٤٢٩ هـ

نكبة فلسطين في ميزان النكبات

نكبة فلسطين في ميزان النكبات





في ظهر هذا اليوم , توجهت الى مدينة حيفا حيث الجامعة التي تتربع فوق جبال الكرمل والتي من المقرر ان يكون فيها ندوة بعنوان : نكبة فلسطين في ميزان النكبات.. بين الماضي والحاضر والمستقبل في سبيل إحياء الذكرى الستين لنكبة الشعب الفلسطيني والذي ترعاه مؤسسة القلم الاكاديمية.

بينما نحن نستعد للبداية وإذا بعدد من رجال الامن يدخلون القاعة بصورة تثير الأنظار , وبعد لحظاتٍ لتأملهم وجدت ان هذا "في سبيل امن الدولة" طبعا بالنسبة لهم , وكان من المقرر ان يجلس 3 منهم في اطراف متختلفه في القاعة للحفاظ على "الامن" ومكث واحد او إثنين عند البوابة المؤدية للقاعة وبإختصار : لا امن ولا بطيخ بس إزعاج ! بالنسبة لي إعتبرت هذا مبرراً انا والكثيرون معي للتواجد القليل جدا للطلبة والذي كان اعظمه من

الإناث الفاعلات في سلك العمل الطلابي .


كما وإستضافت المؤسسة كل من : الشيخ علي أبو ريا – مصممّ خارطة فلسطين قبل نكبة 1948 والأستاذ مسعود غنايم – باحث في دراسات تاريخ الشرق الأوسط اللذان كان لها الدور الاكبر في هذه الندوة .

هذا بالنسبة للاجواء والحضور , اما عن "الحفل" نفسه , فقد إبتدأ ببعض الأناشيد الوطنية حتى ان منها ما ادهشني كونها يحمل صور الرنتيسي واحمد ياسين وبالنسبة لإسرائيل هذه شخصيات ارهابية ! , فتلاها تلاوة عطرة من القران الكريم , ومن ثم كانت المحاضرتين في نفس مضمار الندوة – طبعاً- وهي بخصوص النكبة , وبعدئذ كانت فترة فنية بإلقاء قصيدة شعرية التي تخاطب كل ما في النكبة من اهات تُذكر ! وإختُتِمَ اللقاء بتعليقات الطلاب واستفساراتهم .

هذا ما كان في الحفل بشكل عام , اما بالنسبة لي شخصياً فقد وجدت نفسي مستمع بالمحاضرة التي القاها الاستاذ مسعود غنايم ,الباحث في تاريخ الشرق الاوسط, والتي طرح فيها موضوعات مميزة جدا تجعل من القضية الفلسطينية , محل إهتمام للسامع عنها , بعكس ما يحدث عندما يتم الحديث عنها في كتب المنهاج وبفضل المنهاج يتهرب الطلاب - ومنهم كُنت انا - من حل سؤال القضية الفلسطينية في امتحان التاريخ , فبأسلوبه المتألق في عرض الجذور وتناول القضية من عدة زوايا , يجعل المستمع متفاعلا واياها بكل حواسّه .






بينما بدأ يتناول القضية , ويتحدث عنها وجدت نفسي لم اتمالك ان اجلس مستعما فقط بل يجب علي ان أُدوِّن أهم ما قد يُقال في هذه المُحاضرة , فمنذ البداية حازت اولى الجُمَلِ التي إستهل بها كلامه إعجابي : إن نكبتنا لم تبدأ في عام 1948 بل كانت قبل ذلك . وحقيقة ان مثل هذه الفكرة كثيرا ما كانت تراودني حتى انني احيانا اقول بان نكبتنا تعود الى تولي مصطفى كمال اتاتورك زمام الامور في تركيا , ولكن الاستاذ جعل يتحدث عن ثورة 1936 وأهميتها في الكفاح الفلسطيني وعن الأساليب التي والقوى البريطانية التي كُرِّست من أجل اجهاض هذه الثورة التي كانت من الممكن ان تجهص مشروع وعد بلفور وإقامة وطن قومي لليهود او تأخره.
وبعد الحديث عن الجذور , أكد الاستاذ انه لا بد من إستغلال هذا الحدث المهم جدا ودراسته كما وتقصي العِبر من الأخطاء التي حدثت خلال تلك الفترة العصيبة , فتناول خطأ شائعا انذاك , وهو النزعة الفصائلية والعشائرية والطائفية التي سادت البلاد , فكان لها الكثير من العواقب الوخيمة والتي قد نجسدها بإعدام اشخاص باسم الثورة لاغراض شخصية او فصائليه , وتعود خطورة مثل هذا الخطأ انه ادى فيما بعد لتأكيد الفكرة الشائعة في الغرب الاوروبي والامريكي عنا بانه عشائرين وفصائليين .

وفي ظل هذا الحديث الشيّق بكشف الحقائق التي تخض قضيةً نتعرض لأعراضها الجانبية كل يوم ويوم , والتي حاول الكثيرون طمس حقائقها في غضون سنين طويلة مضت بأساليب مختلفة , جعل الأستاذ مسعود يتناول اسلوبا من الاساليب وهو بث الخرافات والاساطير التي قد تهمش بعض الحقائق وتحل محلها , تمهيداً للمزيد من الامن لهذه الدولة صاحبة عقيدة "متسادا" .

في الخرافات والاساطير ظهرت إثنتين :
الاولى : " العرب عمالقة واليهود أقزام " وبهذه الفكرة ومع ان كلمة اقزام تعتبر سيئه ولكنها ايضا تشكل درعاً قوياً لليهودي الذي يعتقد بهذه الخرافة والتي يحاول ان يقنع بها الكثيرون من السُذّج , ففيها يتخلص بان العرب هم العمالقة كاللذين كانوا في زمن سيدنا داوود عليه السلام وهم من اراد ان يلقي باليهود في البحر , واما اليهود فهم الشعب الفقير الذي لا يريد المشاكل وبإختصار كانهم "الحمل الوديع" .. في تناول مثل هذه الخرافة تناول الاستاذ احصائية ظهر فيها ان عدد الجنود العرب وقت الحرب وصل الى خمسون الف جندي , بينما اليهود وصل عدد جنودهم الى مئة الف جندي . وأكد ان هذا الإحصاء ليس لتبرير الهزيمة وإنما لكشف الحقيقة مثل تلك الحقيقة التي تخص الذين يعتبرون محاربين عرب , والذين كانوا من الفلاحين الذين لم يحملوا السلاح يوماً وعند الحرب دبّت فيهم روح النخوة حتى اصبحوا يريدون أي سلاح يقاتلون به علما انهم لا يجيدون إستعماله مقارنة بجندي إسرائيلي مدرب على يد قوى عسكرية منظمة !

أما الثانية : "بيع الاراضي لليهود" , وحقيقة ان هذه الخرافة تشكل شبهة يقع فيها الفلسطينيين انفسهم أحيانا ويتسلح بها اليهود في كثير من الاحيان حيث يقولون بانهم اشتروا الارض ولم يطردوا احداً من بيتهم بكل سذاجه وأدب !!! لمثل هذا كان من واجب هذا الباحث الحاذق , ان يطلعنا على ان نسبة الارضي التي تم بيعها لا يمكن مقارنتها بالارضي التي لم تباع , اما الاراضي التي تم بيعها فلقد تم بيعها من قِبل سمامره , او سكان غير فلسطينيين .. ولكن النسبة الكبرى هي ان الاراضي الفلسطينية تم إحتلالها إحتلالاً دون البيع وليس كل ذلك الا هراء يتسلح بها المرووجون لمثل تلك الخرافة .

وبعد الكلام عن الخرافات والاساطير التي نالت قِسطا من الرواج في الاذهان , إنتقل الباحث للحديث عن الفرق بين نكبة القرن الماضي , وبين النكبات الاخرى التي تعرضت لها البلاد , وركّز في حديثه بأن هذه النكبة تختلف عن غيرها كونها إنتقلت من الاستعمار للمكان الى إستعمار الإنسان والفكر , مما ادى لتجسيد مصطلح الإستحمار الذي تحدث فيه الدكتور علي شريعاتي كثيرا ً ..

أخيراً كان لا بد من لحظة النهاية , فقد مضى الوقت سريعا وكان لا بد ان نعود من دروس النكبة على صعيد المكان لنعود الى النكبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني كل يوم ويوم ! على المستوى الديني والإجتماعي .

شكرنا الأستاذ مسعود غنايم , وبادرت للحصول على خارطة فلسطين التي اعدها الشيخ علي ابو ريّا والتي تحمل عنوان : فلسطين قبل 1948 ! ولم امكث كثيراً حتى نزلت الى محطة القطار القريبة وعدت من حيث اتيت .


كتبها : أحمد العربي
http://ahmad-al3arabi.blogspot.com/

ليست هناك تعليقات:

من هم عرب 48 ؟؟

انني وبعد ان خضت تجربة لا بئس بها في الساحة العربية الإسلامية الاليكترونية , كالمنتديات والمدونات , وموقع شتى , اثارني دائما ان هناك نسبة لا بئس بها لا يعرفون عن عرب 48 اي شيئ وإذا كانوا يعرفون فمعلوماتهم مغلوطة نوعا ما .. واصلا هناك من استغرب بوجود عرب داخل اسرائيل !!! فمن فضلك اقرا هذا السطور قبل الدخول وبإسم الله نبدا : عرب الـ48، هي التسمية الشائعة في العالم العربي للفلسطينيين العرب الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل (الخط الأخضر، أو خط الهدنة 1948).(يستخدم مصطلحي "عرب إسرائيل" و "الوسط العربي" للإشارة إليهم في الإعلام الإسرائيلي، كما يستخدم مصطلح "الأقليات العربية"، لاحظ استخدام صيغة الجمع) هؤلاء العرب هم من العرب آو أنسال العرب الذين بقوا في قراهم وبلداتهم بعد حرب الـ48 وإنشاء دولة إسرائيل، أو عادوا إلى بيوتهم قبل إغلاق الحدود. تضم الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية سكان شرقي القدس وهضبة الجولان إلى "عرب إسرائيل" بالرغم من أن أغلبيتهم حائزين على مكانة "مقيم دائم" في إسرائيل ولا يملكون الجنسية الإسرائيلة. حسب الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية يشكّل المسلمون حوالي 83% منهم ، 12% من المسيحيين و5% دروز. يقدّر عدد مواطني إسرائيل العرب والحائزين على مكانة "مقيم دائم" بما يقارب 1،413،500 نسمة1، أي 19.87% من السكان الإسرائيليين2 وهم يقيمون في ثلاث مناطق رئيسية: جبال الجليل، المثلث وشمالي النقب. أما من بين المواطنين فقط فتكون نسبة المواطنين العرب حوالي 16% من كافة المواطنين الإسرائيليين..من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة أخيراً : معلومة مهمة جدا الا وهي ان دخول الجيش الاسرائيلي غير متاح للعرب المسلمين والمسيحيين بسهولة خوفا من عدم الولاء للدولة !