الأربعاء، ٧ رمضان ١٤٢٨ هـ

بيان معنى المذهب واختلاف الناس فيه


بيان معنى المذهب واختلاف الناس فيه

من : ميزان العمل للإمام ابو حامد الغزالي صاحب إحياء علوم الدين


لعلك تقول كلامك في هذا الكتاب إنقسم إلى ما يطابق مذهب الأشعرية وبعض المتكلمين، ولا يفهم الكلام إلا على مذهب واحد، فما الحق من هذه المذاهب؟ فإن كان الكل حقاً فكيف يتصور هذا، وإن كان بعضه حقاً فما ذلك الحق؟ فيقال لك إذا عرفت حقيقة المذهب لا تنفعك قط، إذا الناس فيه فريقان:


فريق يقول المذهب اسم مشترك لثلاث مراتب:


إحداها ما يتعصب له في المباهاة والمناظرات، والأخرى ما يسار به في التعليمات والإرشادات، والثالث، ما يعتقده الإنسان في نفسه، مما انكشف له من النظريات.


ولكل كامل ثلاثة مذاهب بهذا الاعتبار. فأما المذهب بالاعتبار الأول، فهو نمط الآباء والأجداد، ومذهب المعلم ومذهب أهل البلد، الذي فيه النشوء. وذلك يختلف بالبلاد والأقطار، ويختلف بالعلمين. فمن ولد في بلد المعتزلة أو الأشعرية أو الشفعوية أو الحنفية، انغرس في نفسه منذ صباه التعصب له والذبّ دونه والذم لما سواه. فيقال: هو أشعري المذهب أو معتزلي أو شفعوي أو حنفي، ومعناه أنه يتعصب، أي ينصر عصابة المتظاهرين بالموالاة، ويجري ذلك مجرى تناصر القبيلة بعضهم لبعض. ومبدأ هذا التعصب حرص جماعة على طلب الرياسة باستتباع العوام، ولا تنبعث دواعي العوام إلا بجامع يحمل على التظاهر. فجعلت المذاهب في تفصيل الأديان جامعاً، فانقسمت الناس فرقاً وتحركت غوائل الحسد والمنافسة، فاشتد تعصّبهم واستحكم به تناصرهم، وفي بعض البلاد لما اتحد المذهب وعجز طلاب الرئاسة عن الاستتباع، وضعوا أموراً وخيّلوا وجوب المخالفة فيها والتعصب لها، كالعلم الأسود والعلم الأحمر، فقال قوم الحق هو الأسود، وقال آخرون لا بل الأحمر، وانتظم مقصود الرؤساء في استتباع العوام بذلك القدر من المخالفة، وظن العوام أن ذلك مهم، وعرف الرؤساء الواضعون غرضهم في الوضع. المذهب الثاني ما ينطبق في الإرشاد والتعليم على من حاءه مستفيداً مسترشداً. وهذا لا يتعين على وجه واحد، بل يختلف بحسب المسترشد، فيناظر كل مسترشد بما يحتمله فهمه فإن وقع له مسترشد تركي أو هندي، أو رجل بليد جلف الطبع، وعلم أنه لو ذكر له أن الله تعالى ليس ذاته في مكان، وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه، ولا متصلاً بالعالم ولا منفصلاً عنه، لم يلبث أن ينكر وجود الله تعالى، ويكذب به. فينبغي أن يقرر عنده أن الله تعالى على العرش، وأنه يرضيه عبادة خلقه، ويفرح بها فيثيبهم ويدخلهم الجنة عوضاً وجزاء. وإن احتمل أن يذكر له ما هو الحق المبين يكشف له. فالمذهب بهذا الاعتبار يتغير ويختلف، ويكون مع كل واحد على حسب ما يحتمله فهمه. المذهب الثالث ما يعتقده الرجل سراً بينه وبين الله عز وجل، لا يطلع عليه غير الله تعالى، ولا يذكره إلا مع من هو شريكه في الاطلاع على ما اطلع، أو بلغ رتبة يقبل الاطلاع عليه ويفهمه. وذلك أن يكون المسترشد ذكياً، ولم يكن قد رسخ في نفسه اعتقاد موروث نشأ عليه، وعلى التعصب له، ولم يكن قد انصبغ به قلبه انصباغاً، لا يمكن محوه منه. ويكون مثاله ككاغد: كتب عليه ما غاص فيه ولم يمكن إزالته إلا بحرق الكاغد وخرقه.فهذا رجل فسد مزاجه، ويئس من صلاحه، فإن كل ما يذكر له على خلاف ما سمعه لا يقنعه، بل يحرص على أن لا يقنع بما يذكر ويحتال في دفعه. ولو أصغى غاية الإصغاء، وانصرفت همته إلى الفهم، لكان يشكّ في فهمه، فكيف إذا كان غرضه أن يدفعه ولا يفهمه؟ فالسبيل مع مثل هذا أن يسكت عنه، ويترك على ما هو عليه، فليس هو بأول أعمى هلك بضلالته، فهذا طريق فريق من الناس.



وأما الفريق الثاني، وهم الأكثرون، يقولون المذهب واحد، هو المعتقد، وهو الذي ينطق به تعليماً وإرشاداً مع كل آدمي، كيفما اختلفت حاله، وهو الذي يتعصّب له وهو إما مذهب الأشعري أو المعتزلي أو الكرامي، أو أي مذهب من المذاهب. والأولون يوافقون هؤلاء على أنهم لو سئلوا عن المذهب أنه واحد أو ثلاثة لم يجز أن يذكر أنه ثلاثة، بل يجب ان يقال أنه واحد. وهذا يبطل تعبك بالسؤال عن المذهب، إن كنت عاقلاً، فإن الناس متفقون على النطق بأن المذهب واحد، ثم يتفقون على التعصب لمذهب أبيهم أو معلمهم، أو أهل بلدهم، ولو ذكر ذاكر مذهبه، فما منفعتك فيه ومذهب غيره يخالفه، وليس مع واحد منهم معجزة، يترجح بها جانبه. فجانب الالتفات إلى المذاهب، وأطلب الحق بطريق النظر، لتكون صاحب مذهب، ولا تكن في صورة أعمى تقلّداً قائداً يرشدك إلى طريق وحواليك ألف مثل قائدك ينادون عليك، بأنه أهلكك وأظلك عن سواء السبيل. وستعلم في عاقبة أمرك ظلم قائدك، فلا خلاص إلا في الاستقلال.



خُذْ مَا تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سمـعـتَ بـه .... في طالعِ الشَمسِ مَا يُغنيكَ عَنْ زُحَل


ولو لم يكن في مجاري هذه الكلمات إلا ما يشكك في اعتقادك الموروث، لتنتدب للطلب، فناهيك به نفعاً، إذ الشكوك هي الموصلة إلى الحق. فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر، بقي في العمى والضلال. نعوذ بالله من ذلك، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ليست هناك تعليقات:

من هم عرب 48 ؟؟

انني وبعد ان خضت تجربة لا بئس بها في الساحة العربية الإسلامية الاليكترونية , كالمنتديات والمدونات , وموقع شتى , اثارني دائما ان هناك نسبة لا بئس بها لا يعرفون عن عرب 48 اي شيئ وإذا كانوا يعرفون فمعلوماتهم مغلوطة نوعا ما .. واصلا هناك من استغرب بوجود عرب داخل اسرائيل !!! فمن فضلك اقرا هذا السطور قبل الدخول وبإسم الله نبدا : عرب الـ48، هي التسمية الشائعة في العالم العربي للفلسطينيين العرب الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل (الخط الأخضر، أو خط الهدنة 1948).(يستخدم مصطلحي "عرب إسرائيل" و "الوسط العربي" للإشارة إليهم في الإعلام الإسرائيلي، كما يستخدم مصطلح "الأقليات العربية"، لاحظ استخدام صيغة الجمع) هؤلاء العرب هم من العرب آو أنسال العرب الذين بقوا في قراهم وبلداتهم بعد حرب الـ48 وإنشاء دولة إسرائيل، أو عادوا إلى بيوتهم قبل إغلاق الحدود. تضم الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية سكان شرقي القدس وهضبة الجولان إلى "عرب إسرائيل" بالرغم من أن أغلبيتهم حائزين على مكانة "مقيم دائم" في إسرائيل ولا يملكون الجنسية الإسرائيلة. حسب الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية يشكّل المسلمون حوالي 83% منهم ، 12% من المسيحيين و5% دروز. يقدّر عدد مواطني إسرائيل العرب والحائزين على مكانة "مقيم دائم" بما يقارب 1،413،500 نسمة1، أي 19.87% من السكان الإسرائيليين2 وهم يقيمون في ثلاث مناطق رئيسية: جبال الجليل، المثلث وشمالي النقب. أما من بين المواطنين فقط فتكون نسبة المواطنين العرب حوالي 16% من كافة المواطنين الإسرائيليين..من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة أخيراً : معلومة مهمة جدا الا وهي ان دخول الجيش الاسرائيلي غير متاح للعرب المسلمين والمسيحيين بسهولة خوفا من عدم الولاء للدولة !