الخميس، ١ رمضان ١٤٢٨ هـ

محمد الغزالي ـ مسك الختام




محمد الغزالي ـ مسك الختام


بقلم : خالد عميرة


صحفي بجريدة المصري اليوم



من لم يقرأ كتابات هذا الرجل فقد فاته الكثير، ومن لم يصبه نور فكره فقد استهوته الظلمة ـ ظلمة البعد عن الله أو ظلمة الخلافة – وقد التف حول الشيخ طلبة الجامعات من الشباب المستنير، وكثير من المثقفين الإسلاميين الذين عدوه واحداً من رواد الإصلاح في تاريخ الفكر الإسلامي، وقد بلغ من إجلال العلماء له أن الدكتور عبدالحليم محمود كان يقول عنه «ليس لدينا إلا غزالي الإحياء وغزالي الأحياء» ليضعه الإمام الجليل في مرتبة واحدة مع أبي حامد الغزالي، أما الدكتور عبدالصبور شاهين فيقول في تقديمه لكتاب يحمل اسم الغزالي: «ما أكتبه هنا شرف لي قبل أن يكون تقديماً لكتاب، إن عصرنا هذا يمكن أن نطلق عليه في مجال الدعوة عصر الأستاذ الغزالي».



ولد الشيخ محمد الغزالي بإحدي قري محافظة البحيرة في سبتمبر ١٩١٧، وقد حفظ القرآن وعمره ١٠ سنوات، وقرأ الحديث في منزل والده، ثم التحق بمعهد الإسكندرية الديني الابتدائي، ثم انتقل للقاهرة في ١٩٣٧ ليلتحق بكلية أصول الدين، حيث تخرج فيها عام ١٩٤١.



بدأت علاقة الغزالي بالحياة العامة والسياسية حين ارتبط بجماعة الإخوان المسلمين في أثناء دراسته الجامعية، واتصل بالإمام حسن البنا، ثم ظهر أول مقال للشيخ في مجلة «الإخوان المسلمين»، وكان وقتها في السنة الثالثة في الجامعة، حيث كان له باب ثابت بالمجلة دافع فيه عن القيم الإسلامية، وقاد حملات صادمة ضد الظلم الاجتماعي وتفاوت الطبقات.



ظهر أول مؤلفات الشيخ عام ١٩٤٧ وكان بعنوان «الإسلام والأوضاع الاقتصادية»، ثم أتبعه بكتاب «الإسلام والمناهج الاشتراكية»، ثم «الإسلام المفتري عليه بين الشيوعيين والرأسماليين»، ليعلن منذ بداياته عن مولد مفكر «مختلف»، وعالم دين مستنير يقرأ النظريات المستحدثة، ويتابع العلوم والفنون الغربية، ويناظر فيها ويرد عليها مآخذها، فلا هو ينكرها ولا هو يخشي الاقتراب منها، فالرجل بإيمانه العميق ونور الله في قلبه، وحبه لهذا الدين، قادر علي مواجهة أرسخ النظريات دون إكبار أو ارتباك.



لكن ما إن بدأ نجم الشيخ يلمع، وبدأت شهرته تذيع بين الناس حتي تعرضت حركة الإخوان لضربة شديدة في ١٩٤٨، حيث صدر قرار بحلها ومصادرة أملاكها واعتقال أعضائها، فكان الغزالي ممن أدركتهم يد الظلم والبطش، فأودع معتقل الطور مع كثير من أبناء الجماعة، حيث كان معه في نفس زنزانته الشيخ سيد سابق صاحب كتاب «فقه السنة»، والدكتور يوسف القرضاوي وغيرهما من علماء وأعضاء الجماعة آنذاك.



وفي ١٩٤٩، خرج الشيخ من محبسه أكثر حماساً في مواجهة الطغيان ـ طغيان الاحتلال وظلم الحكام – وأشد صلابة في الدفاع عن الإسلام، وموقف الدين من الاستبداد السياسي.



وفي ١٩٥٢ قامت ثورة يوليو، وحدث خلاف بين الشيخ وقادة جماعة الإخوان، وخرج من الجماعة.



ومن مواقف الشيخ التي لا تنسي، موقفه في المؤتمر الوطني للقوي الشعبية ١٩٦٢، حيث وقف وحده أمام حشود الحاضرين يدعو إلي استقلال الأمة في تشريعاتها، والتزامها في التزيي بما يتفق مع الشرع، وهنا هاجت أقلام السلطان، وصدرت التوجيهات بالهجوم علي الرجل الذي وقف وحيداً في وسط الميدان لا يجد من يسانده، وسخرت بعض الرسومات الكاريكاتورية من الشيخ، وتحول الأمر إلي سيرك يقدم فيه كل لاعب من لاعبي السلطان حيله وألاعيبه، لكن الناس البسطاء وطلبة الجامعات وكثيراً من محبي الشيخ وعارفيه خرجوا في مظاهرات حاشدة، ليعلنوا تضامنهم مع الفارس النبيل، الذي أبي إلا أن يقول الحق رغم كل التعليمات المسبقة، ورغم كل التوجيهات والتوجهات.



انطلقت المظاهرات من الجامع الأزهر، وتجمعت أمام مبني جريدة «الأهرام» معلنة غضبتها للدين الإسلامي وللداعية العظيم، فاضطرت الجريدة إلي تقديم اعتذار للقراء. وظلت العلاقة بين الشيخ ورجال الثورة علاقة فاترة، فلا هم يبالغون في حبسه أو اعتقاله ـ حيث اعتقل مرة واحدة في أواسط الستينيات ـ ولا هم يقربون الرجل إليهم.. ومن يقرب مثل هذا الشيخ؟، من يقرب رجلاً لا يعرف «رذيلة الصمت»؟، لكن بعد تولي السادات السلطة اختلف الأمر قليلاً، حيث أعطي بعض حرية الحركة للعلماء ورجال الدين، خصوصاً في بداية عهده



، فاتسعت دائرة عمل الشيخ وكثف نشاطه الدعوي، وكانت خطبته بجامع عمرو بن العاص عيداً يجتمع فيه الشباب والطلبة، وعاد لهذا المسجد العريق بهاؤه، وامتلأت أروقته بالمصلين، ولم يتخل الشيخ عن صراحته في إبداء الرأي ويقظته في كشف المتربصين بالإسلام، حتي إذا أعلنت الدولة عن نيتها في تغيير قانون الأحوال الشخصية، الذي سماه العامة ـ آنذاك ـ «قانون جيهان»، وتسربت بعض مواد القانون الجديد حاملة ما يخالف الشرع، هنا لم يصمت الرجل، لكنه قال كلمته، أعلنها أمام حشود المصلين، ليغضب عليه النظام، ويضيق عليه، ويبعد الرجل من جامع عمرو بن العاص، ويجمد نشاط الشيخ، حتي يضطر إلي مغادرة البلاد للتدريس بجامعة أم القري، حيث بقي فيها سبع سنوات، ثم سبع سنوات أخري بجامعة الأمير عبدالقادر الإسلامية بالجزائر، وهكذا يتم إبعاد هذا الشيخ المخلص المستنير عن مصر..



فهل تري الرجل خسر كثيراً أم مصر هي التي خسرت؟



ما أظن الرجل خسر كثيراً، فقد واصل دعوته في الجزائر والسعودية، وواصل نشر أفكاره عبر كتبه القيمة التي تزخر بها المكتبة الإسلامية، لكن مصر هي التي خسرت كثيراً من هذا الإبعاد، فإبعاد مثل هذا الرجل وأمثاله سمح بظهور تيارات دينية متطرفة بعدما أخليت الساحة أمام أنصاف المتعلمين، وأشباه الفقهاء، ليقودوا شباباً غرّاً، كانت أول إنجازاتهم اغتيال من أبعدوه، في حين لقي الغزالي ربه عام ١٩٩٦ في أثناء ممارسته لدوره الدعوي وفي أثناء مشاركته في ندوة «الإسلام والغرب» بالمملكة العربية السعودية، ثم دفن بالبقيع إلي جوار الصحابة والتابعين.



المصدر: جريدة المصري اليوم



ملاحظة صغيرة مني حول المعلومة التي تقول بان الشيخ دُفِن بالبيقع وفي هذا فضل عظيم .. فهناك من العلماء من فضّل المدينة على مكة وذلك لان الله يجعل احب العباد اليه في احب البلاد اليه وان قبر الرسول موجود في المدينة المنورة .. فهي مثواه الاخير ومرقد جسده الى يوم يبعثون !



* اعلم ان من فضائل هذا البقيع ان اهله هم اول من يحشر من مقابر الارض بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم وصاحبيه ابي بكر وعمر رضي الله عنهما ..من كتاب كيف تستفيد من الحرمين الشريفين ايها الزائر والمقيم !



* حدثنا ‏ ‏محمد بن بشار ‏ ‏حدثنا ‏ ‏معاذ بن هشام ‏ ‏حدثني ‏ أبي ‏ ‏عن ‏ ‏أيوب ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏قال ‏
قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ من استطاع أن يموت ‏ ‏بالمدينة ‏ ‏فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها ‏
من سنن الترمذي





ليست هناك تعليقات:

من هم عرب 48 ؟؟

انني وبعد ان خضت تجربة لا بئس بها في الساحة العربية الإسلامية الاليكترونية , كالمنتديات والمدونات , وموقع شتى , اثارني دائما ان هناك نسبة لا بئس بها لا يعرفون عن عرب 48 اي شيئ وإذا كانوا يعرفون فمعلوماتهم مغلوطة نوعا ما .. واصلا هناك من استغرب بوجود عرب داخل اسرائيل !!! فمن فضلك اقرا هذا السطور قبل الدخول وبإسم الله نبدا : عرب الـ48، هي التسمية الشائعة في العالم العربي للفلسطينيين العرب الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل (الخط الأخضر، أو خط الهدنة 1948).(يستخدم مصطلحي "عرب إسرائيل" و "الوسط العربي" للإشارة إليهم في الإعلام الإسرائيلي، كما يستخدم مصطلح "الأقليات العربية"، لاحظ استخدام صيغة الجمع) هؤلاء العرب هم من العرب آو أنسال العرب الذين بقوا في قراهم وبلداتهم بعد حرب الـ48 وإنشاء دولة إسرائيل، أو عادوا إلى بيوتهم قبل إغلاق الحدود. تضم الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية سكان شرقي القدس وهضبة الجولان إلى "عرب إسرائيل" بالرغم من أن أغلبيتهم حائزين على مكانة "مقيم دائم" في إسرائيل ولا يملكون الجنسية الإسرائيلة. حسب الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية يشكّل المسلمون حوالي 83% منهم ، 12% من المسيحيين و5% دروز. يقدّر عدد مواطني إسرائيل العرب والحائزين على مكانة "مقيم دائم" بما يقارب 1،413،500 نسمة1، أي 19.87% من السكان الإسرائيليين2 وهم يقيمون في ثلاث مناطق رئيسية: جبال الجليل، المثلث وشمالي النقب. أما من بين المواطنين فقط فتكون نسبة المواطنين العرب حوالي 16% من كافة المواطنين الإسرائيليين..من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة أخيراً : معلومة مهمة جدا الا وهي ان دخول الجيش الاسرائيلي غير متاح للعرب المسلمين والمسيحيين بسهولة خوفا من عدم الولاء للدولة !